للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرغبة في هجر المعاصي، والإقبال على من لا سعادة ولا أُنس إلا بالإقبال عليه؟!

• ومن مواعظ أبي عبيدة - رضي الله عنه - أنَّه لمَّا كان أميرًا على الشام، خطب الناس فقال (١):

«يا أيُّها الناس، إنِّي امرؤٌ من قريشٍ، وإنِّي والله ما أعلم أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى الله إلا وددتُّ أنِّي في مسلاخه»؛ أي: في جلده.

الله أكبر! ما أجمل أن يصدر هذا الكلام من أميرٍ، ومن قريشٍ!

إنَّه الفقه لحقيقة الموازين الشرعيَّة، أمَّا بقية الفروق التي ليس للإنسان فيها حيلةٌ، فإنَّها لا وزن لها عند الله!

أيُّ شيءٍ نفع أبا لهبٍ حين كفر مع أنَّه عمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟!

وماذا ضرَّ بلالًا الحبشيَّ، وصهيبًا الرُّوميَّ، وسلمان الفارسيَّ حين آمنوا بالله وصدَّقوا رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟!

إنَّها رسالةٌ أعلنها أبو عبيدة من منبره -وهو الأمير -ليؤكِّد للعامة الذين قد تشرئبُّ أعناق بعضهم لمثل مقامه في الإمارة، ليقوم لهم بلسان الحال: العبرة بالتقوى، وليست بإمارةٍ أو نسبٍ!

رضي الله عن أبي عبيدة عامر بن الجرَّاح، وجمعنا به في بُحبُوحة جنانه، ومع سادة أوليائه الذين أنعم عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

...


(١) مصنَّف ابن أبي شيبة (٧/ ١١٦).

<<  <   >  >>