للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ولعلَّ هذه المواعظ التي سنقتطف بعضها توضِّح هذه الحقيقة، ومن ذلك (١): «من كان يحبُّ أن يعلم أنَّه يحبُّ الله عز وجل، فليعرض نفسه على القرآن، فإن أحبَّ القرآن، فهو يحبُّ الله تعالى؛ فإنَّما القرآن كلام الله، فمن أحبَّ القرآن، فهو يحبُّ الله عز وجل».

إنَّه مقياسٌ ربَّانيُّ أصيلٌ، فأكثر الناس يدَّعي محبة الله، ولكنَّ الشأن في البرهان على هذه الدعوى، فهذا ابن مسعودٍ يعرض لنا ميزانًا لا تطيش كفَّته! فاعرض نفسك أيُّها المدَّعي لمحبة الله على كتابه العظيم، فبقدر موافقتك لما فيه، فنسبة حبِّك تعلو وترتفع، والعكس صحيحٌ. وفي التنزيل العزيز ميزانٌ آخر، يكشف حقيقة الدَّعوى، وهو قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١].

• ومن أقواله التي تدلُّ على عمق علمه - رضي الله عنه - (٢): «من أراد العلم، فليثوِّر القرآن؛ فإنَّ فيه علم الأوَّلين والآخرين». وهذه الكلمة كلمة عالم خبيرٍ مجرِّبٍ، يوضِّحها قول التابعيِّ الجليل مسروق بن الأجدع: «ما نسأل أصحاب محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - من شيءٍ إلا علمه في القرآن، إلا أنَّ علمنا يقصر عنه» (٣). فأين طلبه العلم من هذه الكلمة العميقة من ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -؟! يحزنك أن تجد تقصيرًا ظاهرًا من بعض طلاب العلم والدعاة في


(١) السُّنَّة؛ لعبد الله بن أحمد (١/ ١٤٨).
(٢) الزهد؛ لأحمد بن حنبل (١٢٩).
(٣) العلم؛ لزهير بن حرب (١٥).

<<  <   >  >>