الصَّدَقَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهَا وَقَدْ مَضَى بَيَانُ هَذَا فِي رَبِيعَةَ وَلِهَذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ وَإِذَا صَحَّ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ الْجَمَلَ لِلْمَسَاكِينِ وَاسْتَقْرَضَهُ عَلَيْهِمْ لِمَا رَأَى مِنَ الْحَاجَةِ ثُمَّ رَدَّهُ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ كَمَا يَسْتَقْرِضُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ عَلَيْهِ نَظَرًا لَهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ مِنْ مَالِهِ إِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُنَازَعُ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَالِ الْمُسْتَقْرَضِ مِنْهُ الْجَمَلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَمْ يَكُنِ الْمُسْتَقْرَضُ مِنْهُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ قَدْ رَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَدَقَتَهُ وَلَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهَا وَقْتَ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَخُرُوجِ السُّعَاةِ وَقْتًا وَاحِدًا يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهِ فما لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ صَدَقَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ فِي مَاشِيَتِهِ لِقُصُورِ نِصَابِهَا عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا قَوْلُ مَنْ لَمْ يُجِزْ تَعْجِيلَ الزكاة قبل محلها وقال آخرون جائر أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرَضُ مِنْهُ فِي حِينِ رَدِّ مَا اسْتُقْرِضَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ لِجَائِحَةٍ لَحِقَتْهُ فِي إِبِلِهِ وَمَالِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَوَجَبَ رَدُّ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِلَيْهِ وَمِثَالُ ذَلِكَ الِاسْتِسْلَافُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلرَّجُلِ أَقْرِضْنِي عَلَى زَكَاتِكَ لِأَهْلِهَا فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْكَ زَكَاةٌ بِتَمَامِ مِلْكِكَ لِلنِّصَابِ حَوْلًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ دَيْنٌ لَكَ أَرُدُّهُ عَلَيْكَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَوَاتِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَأَجَازَ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى إِجَازَةِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute