للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُ الرَّجُلِ فِيهِ وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ الْجُفَاةِ الَّذِينَ لَا يَدْرُونَ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ إِنَّ مَنْ تَوَلَّى تَفْرِيقَ الصَّدَقَاتِ لَمْ يَعْدَمْ مَنْ يَلُومُهُ قَالَ وَقَدْ كُنْتُ أَتَوَلَّاهَا لِنَفْسِي فَأُوذِيتُ فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْعُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلرَّجُلِ الَّذِي مَنَعَهُ حِينَ سَأَلَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا لَا تَحِلُّ لَهُ أَوْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخَذُهَا لِمَعَانٍ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ بِهَا وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَالْأُوقِيَّةُ إِذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْفِضَّةُ دُونَ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ) وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ إِلَّا الْفِضَّةَ دُونَ غَيْرِهَا وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ فِي الْأُوقِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا غَيْرُ الْفِضَّةِ وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهِيَ بِدَرَاهِمِنَا الْيَوْمَ سِتُّونَ دِرْهَمًا أَوْ نَحْوُهَا فَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ هَذَا الْحَدُّ وَالْعَدَدُ وَالْقَدْرُ مِنَ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَيَكُونُ عِدْلًا مِنْهَا فَهُوَ مُلْحِفٌ سَأَلَ إِلْحَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>