بِإِحْرَامِهِمْ خَلْفَهُ لَوْ صَحَّ فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا لَا يَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إِحْرَامُ الْقَوْمِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ قَبْلَ إِحْرَامِ إِمَامِهِمْ فِيهَا وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ غَيْرَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ وَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهَا فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ تَجِدْهُ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَهُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِصَلَاةِ إِمَامِهِمْ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ وَقَدْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِوُجُوهٍ أَيْضًا كَثِيرَةٍ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَلَاتُهُمَا مُرْتَبِطَةً وَلَا يَضُرُّ عِنْدَهُ اخْتِلَافُ نِيَّاتِهِمَا لِأَنَّ كُلًّا يُحْرِمُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَلَا يَحْمِلُ فَرْضًا عَنْ صَاحِبِهِ فَجَائِزٌ عِنْدَهُ أَنْ يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ إِمَامِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ عَلَى هَذَا دَلَائِلُ قَدْ ذَكَرَهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِهِمْ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْقَوْمِ يُصَلُّونَ خَلَفَ إِمَامٍ نَاسٍ لِجَنَابَتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا الْإِعَادَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِذَا عَلِمَ اغْتَسَلَ وَصَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَحَسْبُكَ بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ غَدَا إِلَى أَرْضِهِ بِالْجُرْفِ فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَغَسَلَهُ وَاغْتَسَلَ وَأَعَادَ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةٍ وَهَذَا فِي جماعتهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute