وَلَمَّا كَانَتْ مُوَالَاةُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ كَانَتْ مُعَادَاةُ أَعْدَائِهِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ أَوْ يُوَلِّدُ (بِهِ) عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ (قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا مَا تَقَضَّى الْوُدُّ إِلَّا تَكَاشُرًا ... فَهَجْرٌ جَمِيلٌ لِلْفَرِيقَيْنِ صَالِحُ) وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَهَاجِرَيْنِ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَيُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنَ الْهِجْرَةِ أَمْ لَا فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَطَعَ الْهِجْرَةَ وَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ أَوْ مِنْ قَوْلِ مَنْ قال يجزىء مِنَ الصَّرْمِ السَّلَامُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ هَلْ يُجْزِيهِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ إِيَّاهُ فَقَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَهْجُرَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ عُلِمَ (منه)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute