مَعْنَاهُ لَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَاةً تَامَّةً وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا (هَذَا) وَذَكَرْنَا هُنَاكَ تَعَارُفَ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَمِمَّا يدل على (أن) الاستثناء (هاهنا) منقطع وأنه غير عَائِدٌ إِلَى النَّارِ ((لَا تَمَسُّ مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَاحْتَسَبَهُمْ)) حَدِيثُهُ الْآخَرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ ((لَا يَمُوتُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوِ اثْنَانِ قَالَ أَوِ اثْنَانِ (٢) وَالْجُنَّةُ الْوِقَايَةُ وَالسَّتْرُ وَمَنْ وُقِيَ النَّارَ وَسُتِرَ عَنْهَا فَلَنْ تَمَسَّهُ أَصْلًا وَلَوْ مَسَّتْهُ ماكان مُوَقًّى وَإِذَا وُقِيَهَا وَسُتِرَ عَنْهَا فَقَدْ زُحْزِحَ وَبُوِعَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَرَضِيَ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يُفَسَّرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِيهِ ذِكْرَ الْحِسْبَةِ قَوْلُهُ فَيَحْتَسِبُهُمْ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ مَالِكٌ بِأَثَرِهِ مُفَسِّرًا لَهُ وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْآثَارِ إِنَّهَا لِمَنْ حَافَظَ عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْخِطَابَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَّا إِلَى قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَا ذَكَرْنَا وَهُمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute