للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا وَاضِحَاتٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا ادِّعَاؤُهُمُ الْمَجَازَ فِي الِاسْتِوَاءِ وَقَوْلُهُمْ فِي تَأْوِيلِ اسْتَوَى اسْتَوْلَى فَلَا مَعْنَى لَهُ لأنه غير ظَاهِرٌ فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ فِي اللُّغَةِ الْمُغَالَبَةُ وَاللَّهُ لَا يُغَالِبُهُ وَلَا يَعْلُوهُ أَحَدٌ وَهُوَ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ وَمِنْ حَقِّ الْكَلَامِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى تَتَّفِقَ الْأُمَّةُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْمَجَازُ إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى اتِّبَاعِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا إِلَّا عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُوَجَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَشْهَرِ وَالْأَظْهَرِ مِنْ وُجُوهِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ لَهُ التَّسْلِيمُ وَلَوْ سَاغَ ادِّعَاءُ الْمَجَازِ لِكُلِّ مُدَّعٍ مَا ثَبَتَ شَيْءٌ مِنَ الْعِبَارَاتِ وَجَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَنْ يُخَاطِبَ إِلَّا بِمَا تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ فِي مَعْهُودٍ مُخَاطَبَاتِهَا مِمَّا يَصِحُّ مَعْنَاهُ عِنْدَ السَّامِعِينَ وَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ وَمَفْهُومٌ وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالتَّمَكُّنُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى اسْتَوَى قَالَ عَلَا قَالَ وَتَقُولُ الْعَرَبُ اسْتَوَيْتُ فَوْقَ الدَّابَّةِ وَاسْتَوَيْتُ فَوْقَ الْبَيْتِ وَقَالَ غَيْرُهُ اسْتَوَى أَيِ انْتَهَى شَبَابُهُ وَاسْتَقَرَّ فَلَمْ يَكُنْ فِي شَبَابِهِ مَزِيدٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاسْتِوَاءُ الِاسْتِقْرَارُ فِي الْعُلُوِّ وَبِهَذَا خَاطَبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقَالَ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... فَأَوْرَدْتُهُمْ مَاءً بِفَيْفَاءَ قَفْرَةٍ ... ... وَقَدْ حَلَّقَ النَّجْمُ الْيَمَانِيُّ فاستوى

<<  <  ج: ص:  >  >>