للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَبِكُلِّ مِصْرٍ فِيمَا بَلَغَنَا وَصَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إِذَا رَمَى بِالزَّبَدِ وَهَدَأَ وَأَسْكَرَ الْكَثِيرُ مِنْهُ أَوِ الْقَلِيلُ أَنَّهُ خَمْرٌ وَأَنَّهُ مَا دَامَ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ رِجْسٌ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ فِي نُقَطٍ مِنَ الْخَمْرِ شَيْءٌ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا لِأَنَّهُ خِلَافُ إِجْمَاعِهِمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ فِي مِثْلِ رؤوس الْإِبَرِ مِنْ نُقَطِ الْبَوْلِ نَحْوُ ذَلِكَ وَالَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ فِي خَمْرِ الْعِنَبِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ عَنْهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَأَنَّهَا عِنْدَهُمْ رِجْسٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ إِلَّا أَنَّ تَحْرِيمَهَا عِنْدَهُمْ لِعِلَّةِ الشِّدَّةِ وَالْإِسْكَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِمَّا حُرِّمَ لِذَاتِهِ وَعَيْنِهِ وَلِهَذَا مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْلِيلِ الْخَمْرِ وَفِي طِيبِهَا عِنْدَ زَوَالِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهَا وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي تَحْلِيلِ الْخَمْرِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَخَمْرِ الْعِنَبِ عِنْدَهُمْ نَقِيعُ الزَّبِيبِ إِذَا غَلَا وَأَسْكَرَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ مَيِّتٌ أُحْيِيَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مِنْهَا السُّكْرُ وَهُوَ فِعْلُ الشَّارِبِ وَأَمَّا النَّبِيذُ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (*) وَلَا نَجِسٍ لِأَنَّ الْخَمْرَ الْعِنَبُ لَا غَيْرُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا يَعْنِي عِنَبًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ مَا عُصِرَ مِنَ الْعِنَبِ لا غير لما خدمنا ذِكْرَهُ مِنْ أَنَّ الْخَمْرَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا خَمَّرَ الْعَقْلَ وَخَامَرَهُ وَذَلِكَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْمُسْكِرِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>