- قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى الِاعْتِكَافِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِقَامَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ وَالْمُلَازَمَةُ لَهُ هَذَا مَعْنَى الْعُكُوفِ وَالِاعْتِكَافِ فِي اللِّسَانِ وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَمَعْنَاهُ الْإِقَامَةُ عَلَى الطَّاعَةِ وَعَمَلُ الْبِرِّ عَلَى حَسَبِ مَا وَرَدَ مِنْ سُنَنِ الِاعْتِكَافِ فَمِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ (فِي الْمَسَاجِدِ) إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِذِكْرِ الْمَسَاجِدِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ خَرَجَتْ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا الْعُمُومَ فَقَالُوا لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا غَيْرَ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي مَسْجِدِهِ فَكَانَ الْمَقْصِدُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى نَوْعِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ فِي مَا بَنَاهُ نَبِيٌّ وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُجْمَعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الْآيَةِ عِنْدَهُمْ إِلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنَ الْمَسَاجِدِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute