وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ فِي الْحَدِيثِ وَأَنَا ذُو مَالٍ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا مَالٍ مَا أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ لَأَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَقَدْ مَنَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوِ ابْنُ عُمَرَ مَوْلًى لَهُمْ من أن يوصي وكان له سبع مائة دِرْهَمٍ وَقَالَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ تَرَكَ خَيْرًا وَلَيْسَ لَكَ كَبِيرُ مَالٍ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كَثِيرًا وَمَالُهُ قَلِيلًا أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ قَالَ وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَلِيلٌ وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ أربع مائة دِرْهَمٍ وَلَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَقَالَتْ مَا فِي هَذَا فَضْلٌ عَنْ وَلَدِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عِيَادَةُ الْعَالِمِ وَالْخَلِيفَةِ وَسَائِرِ الْجُلَّةِ لِلْمَرِيضِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ لِقَوْلِهِ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا ابْتَغَى بِهِ وَجْهَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْبَنِينَ وَالزَّوْجَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَإِنْ تَرَكَ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِهِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ وَاسِعَ الْمَالِ وَالْأُصُولُ تُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَرْضٌ وَأَدَاءُ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute