وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رجلا أعمى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ مَعْنَاهُ أَيْضًا الْمُقَارَبَةُ أَيْ قَارَبَتِ الصَّبَاحَ (وَهَذَا) عَلَى مَا فَسَّرَ الْعُلَمَاءُ مِمَّا ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن يريد بالبلوغ ههنا مُقَارَبَةُ الْبُلُوغِ لَا انْقِضَاءَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَوِ انْقَضَى وَهُوَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لَمْ يَجُزْ (لَهُمْ) إِمْسَاكُهُنَّ وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قُرْبَ الشَّيْءِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ مَفْهُومٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ مَنْ لَا يُؤَذِّنَ إِلَّا وَقَدْ أَصْبَحَ وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْلُومًا صَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُقَارَبَةِ الصَّبَاحِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَيْقَنَ الصَّبَاحَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَكْلُ وَلَا الشُّرْبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْلٌ أَوْ أَكَلَ وَهُوَ شَاكٍ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ أَكَلَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا مَضَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي الْوَاجِبِ خَاصَّةً قَالَ هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute