وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي السَّارِقِ يَرْفَعُ إِلَى الْحَاكِمِ سَرِقَتَهُ بِيَدِهِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ لِثُبُوتِ سَرِقَتِهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةِ عُدُولٍ قَامَتْ عَلَيْهِ فَيَهَبُ لَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَا سَرَقَهُ هَلْ يُقْطَعُ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُقْطَعُ لِأَنَّ الْهِبَةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ فَلَا يَسْقُطُ مَا قَدْ وَجَبَ لِلَّهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً ثُمَّ نَكَحَهَا قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَمْ يُسْقِطْ ذَلِكَ الْحَدَّ عَنْهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَيَخْتَلِفُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَتِ الْهِبَةُ قَبْلَ أَنْ يُؤْتَى بِالسَّارِقِ إِلَى الْإِمَامِ فَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُقْطَعُ وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي هَذَا لَا يُقْطَعُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقَالَا لَا يُقْطَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ مَالِكِهِ عَلَى السَّرِقَةِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَى الْإِمَامِ وَبَعْدَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيْهِ وَحُجَّةُ أَبِي يُوسُفَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِلسَّارِقِ رِدَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِهِ لَمَا قُطِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ قَائِمَةٌ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ الَّذِي سَرَقَ ثَوْبَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ لَهُ وَقَالَ هَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute