قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَأَكْثَرُ الْآثَارِ إِنَّمَا جَاءَتْ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالنَّهْيُ عَنْ هَذَا نَهْيُ أَدَبٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ تَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ نَفَخَ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَعَامُهُ وَلَا شَرَابُهُ وَلَكِنَّهُ مُسِيءٌ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَكَانَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقِيَاسِيُّ يَقُولُ إِنَّ النَّهْيَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ وَلَا أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ طَعَامُهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ الشُّرْبَ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ غَيْرُ مَحْمُودٍ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبِّ وَرُبَّمَا آذَى الْكَبِدَ وَقَالُوا الْكَبِدُ مِنَ الْعَبِّ فَكُرِهَ ذَلِكَ لِذَلِكَ كَمَا كُرِهَ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ لِأَنَّهُ قال يُورِثُ الْبَرَصَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَظُنُّ هَذَا صَحِيحًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وفي قوله صلى الله عليه وسلم هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ حُجَّةٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ لِيُزِيلَ الشَّارِبُ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَزَالَهُ عَنْ فِيهِ صَارَ مُسْتَأْنِفًا لِلشُّرْبِ وَمِنْ سُنَّةِ الشَّرَابِ أَنْ يَبْتَدِيَهُ الْمَرْءُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَمَتَى أَزَالَ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ حَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَسَمَّى اللَّهَ فَحَصَلَتْ لَهُ بِالذِّكْرِ حَسَنَاتٌ فَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا رَغْبَةً فِي الْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute