للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ كُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ عَقْدُهُ لَهُ فَسْخُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يَقْبَلَهُ بَيْعَتَهُ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ مُفْتَرَضَةً يَوْمَئِذٍ كَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبِيحَ لَهُ شَيْئًا حَظَرَتْهُ عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ إِذَا دَخَلَ فِيهَا وَلَزِمَتْهُ أَحْكَامُهَا إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّ الْوَحْيَ بَعْدَهُ قَدِ انْقَطَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّهَا بُقْعَةٌ مُبَارَكَةٌ لَا يَسْتَوْطِنُهَا إِلَّا الْمَرْضِيُّ مِنَ النَّاسِ وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ نَزَلَهَا وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَهُ كَسَائِرِ دِيَارِ الْكُفْرِ وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَقِيَ فَضْلُ قَبْرِهِ وَمَسْجِدِهِ وَالْمَدِينَةُ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَنْفِي حُثَالَةَ الناس ورذالتهم وَلَا يَبْقَى فِيهَا إِلَّا الطَّيِّبُ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَبَثُ رَذَالَةُ الْحَدِيدِ وَوَسَخُهُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عِنْدَ النَّارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَنْصَعُ فَإِنَّهُ يَعْنِي يَبْقَى وَيَثْبُتُ وَيَظْهَرُ وَأَصْلُ النُّصُوعِ فِي الْأَلْوَانِ الْبَيَاضُ يُقَالُ أَبْيَضُ نَاصِعٌ وَيَقُقْ كما يقال

<<  <  ج: ص:  >  >>