وَأَمَّا النَّجَشُ فَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ دَسَّهُ الْبَائِعُ وَأَمَرَهُ فِي السِّلْعَةِ عَطَاءً لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا بِهِ فَوْقَ ثَمَنِهَا لِيَغْتَرَّ الْمُشْتَرِي فَيَرْغَبُ فِيهَا أَوْ يَمْدَحُهَا بِمَا لَيْسَ فِيهَا فَيَغْتَرُّ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَزِيدَ فِيهَا أَوْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ لِيَغُرَّ النَّاسَ فِي سِلْعَتِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ رَبُّهَا وَهَذَا مَعْنَى النَّجَشِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ لَفْظِي رُبَّمَا خَالَفَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِهِمْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِشَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِمْ وَهَذَا مِنْ فِعْلِ فَاعِلِهِ مَكْرٌ وَخِدَاعٌ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجَشِ وَقَوْلِهِ لَا تَنَاجَشُوا وَأَجْمَعُوا أَنَّ فَاعِلَهُ عَاصٍ لِلَّهِ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبَيْعِ عَلَى هَذَا إِذَا صَحَّ وَعُلِمَ بِهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ النجش في البيع فمن اشترى سلعة مَنْجُوشَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا عَلِمَ وَهُوَ عَيْبٌ مِنَ الْعُيُوبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ هَذَا عِنْدِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ الْخِيَارَ إِذَا عَلِمَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَلَمْ يَقْضِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْرِيَةَ نَجَشٌ وَمَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ فَكَذَلِكَ النَّجَشُ يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا والله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute