السَّلَامُ وَأَظُنُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ هُوَ هَذَا لِأَنَّ مُجَاهِدًا رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ وَحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ صَاحِبِ مُجَاهِدٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الْمُبَاحِ أَوْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ لِلشَّمْسِ وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ مِمَّا لَا طَاعَةَ فِيهِ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَكَذَلِكَ الْحَفَا وَغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ تَرِدِ الشَّرِيعَةُ بِعَمَلِهِ لَا طَاعَةَ لِلَّهِ فِيهِ وَلَا قُرْبَةً وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ بِالتَّقَرُّبِ بِعَمَلِهِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ فِي هذاالباب مسألة ذكرها في موطأه فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ قَالَ إِنْ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَشَقَّةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلْيَمْشِ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلْيُهْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلْيَحُجَّ وَلْيَرْكَبْ وَلْيَحُجَّ بِهِ مَعَهُ إِنْ أَطَاعَهُ وَإِنْ أَبَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ عَلَى مَالِكٍ إِيجَابَ الْهَدْيِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الَّذِي نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَقَالُوا لَيْسَ هَذَا أَصْلَهُ فِيمَنْ تَرَكَ الْوَفَاءَ بِمَا لَا طَاعَةَ فِيهِ مِنْ نَذْرِهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِهَدْيٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ وَهُوَ يُشْبِهُ نَذْرَ الَّذِي نَذَرَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَقَدْ سُئِلَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ هَذَا فَقَالَ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَحْمِلَهُ لَكَانَ طَاعَةً قَالَ وَمِنْ هُنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَالْمُسْتَظِلِّ وَالْمُتَكَلِّمِ بَعْدَ نَذْرِهِ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْلُ مَالِكٍ الَّذِي لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا فِيهِ لِلَّهِ طَاعَةٌ بِمَا لَا طَاعَةَ فِيهِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِمَا فِيهِ طَاعَةٌ وَتَرْكُ مَا سِوَاهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ وَذَلِكَ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْصِدَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَصْدُهُ مَاشِيًا إِذِ الْمَشْيُ لَا طَاعَةَ فِيهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَهَذَا يَقْضِي عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيَقْضِي عَلَى أَنَّ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute