للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَرَجَّحُوا قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الصَّلَوَاتِ وَاجِبٌ وَهُوَ مَا قَالُوهُ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ عَلَى النَّسَقِ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً بِإِجْمَاعٍ قَالُوا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ دُخُولُ الْمَسْحِ بَيْنَ الْغَسْلِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الرِّجْلَيْنِ وَأَخَّرَ مَسْحَ الرَّأْسِ لَمَا فُهِمَ الْمُرَادُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَسْحِ فَأَدْخَلَ الْمَسْحَ بَيْنَ الْغَسْلَيْنِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِيَثْبُتَ تَرْتِيبَ الرَّأْسِ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ فَاغْسِلُوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برؤوسكم وَلَمَا احْتَاجَ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ مُلْتَبِسٍ مُحْتَمِلٍ لِلتَّأْوِيلِ لَوْلَا فَائِدَةُ التَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الرَّأْسِ لَيْسَ عَلَى مَنْ جَعَلَ الرِّجْلَيْنِ مَمْسُوحَتَيْنِ فَلِفَائِدَةِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَرَدَتِ الْآيَةُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَا ادَّعَوْهُ عَنِ الْعَرَبِ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَهِشَامٍ فَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ عَنْهُمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْوَاوَ إِنَّمَا تُوجِبُ التَّسْوِيَةَ وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ آيَةِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا وَبَذَّرَ الْوَرَثَةُ فَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ ثم أدو الدَّيْنَ بَعْدُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ إِعَادَةُ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ نَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مَا يُؤَدَّى مِنْهُ الدَّيْنُ وَكَانُوا قَدْ عَلِمُوا بِهِ ضَمِنُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ تَعَدَّوْا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَلَسْنَا نُنْكِرُ إِذَا صَحِبَ الْوَاوَ بَيَانٌ يَدُلُّ عَلَى التَّقْدِمَةِ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَوْضِعِ الْبَيَانِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ حَقَّ الْوَاوِ فِي اللُّغَةِ التَّسْوِيَةُ لَا غَيْرَ حَتَّى يَأْتِيَ إِجْمَاعٌ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَيُبَيِّنَ الْمُرَادَ فِيهِ وَالْإِجْمَاعُ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ مَعْدُومٌ بَلْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَمَّا مَا ادَّعَوْهُ مِنْ أَنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ بَيَانٌ كبيانه

<<  <  ج: ص:  >  >>