رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا بَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَانَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ بِالصَّفَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي الْخِطَابِ فَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ختلف الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ نَكَّسَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُلْغِيَ ابْتِدَاءَهُ بِالْمَرْوَةِ وَيَبْنِي عَلَى سَعْيِهِ مِنَ الصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الِابْتِدَاءُ عِنْدَهُمْ بِالصَّفَا اسْتِحْبَابٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَطَاءٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَلْغِي الشَّوْطَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَأَمَّا تَرْجِيحُهُمْ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الصَّلَاةِ فَأَصْلٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي اخْتِلَافِ نية المأمور وَالْإِمَامِ وَفِي الْجُمُعَةِ خَلْفَ الْعَبْدِ وَفِي الْوُضُوءِ بِمَا حَلَّ فِيهِ النَّجَاسَةُ إِذَا كَانَ فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا كُلُّهُ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَرَ لِلِاحْتِيَاطِ مَعْنًى إِذْ قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمَشْهُورِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مَنْ فَعَلَ فِعْلَنَا كَانَ مُصَلِّيًا بِإِجْمَاعٍ فَهَذَا أَيْضًا أَصْلٌ لَا يُرَاعِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى مَا ذُهِبَ إِلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَوْجَبَ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فَظَنٌّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مُتَكَرِّرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَلْزَمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute