بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا وَقَالَ بِقَوْلِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ لَا يَنُوبُ عَنْهُ الدَّمُ وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ تَرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُجَّاجِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ جَبَرَهُ بِالدَّمِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ وَسُنَنُ الْحَجِّ تُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا سَقَطَ الْإِتْيَانُ بِهَا هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِنْ تَرَكَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّ كَانَ عَلَيْهِ لِكُلِّ شَوْطٍ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ قَالُوا وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ أَوْ فِي الْحَجِّ نَاسِيًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ فَرْضٌ فِي الْعُمْرَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ فِي الْحَجِّ وَقَالَ طَاوُسُ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى عُمْرَةٍ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ عَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ تَطَوَّعٌ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَرَفَاتٌ فَمَنْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ قَالُوا فَصَارَ مَا سِوَاهُ يَنُوبُ عَنْهُ الدَّمُ قَالُوا وَإِنَّمَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ كَمَا أَنَّ الْمَبِيتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ تَبَعٌ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَمَّا نَابَ عَنِ الْمَبِيتِ بِجَمْعِ الدَّمِ فَكَذَلِكَ يَنُوبُ عَنِ السَّعْيِ الدَّمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَفَرْضٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمَبِيتُ أَوْ حُضُورُ الْمُزْدَلِفَةِ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ بِهَا فَمُخْتَلَفٌ فِي فَرْضِهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَوْنَهُ فَرْضًا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حُكْمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِجَمْعٍ فِي بَابِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute