وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُحْصَرِ هَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يَحِلَّ بِشَيْءٍ فِي الْحِلِّ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَقَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ قَالَ عَزَّ وجل في كتابه ولا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَمَعْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ أَتَمَّ حَجَّهُ لَا فِي الْمُحْصَرِ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَهُ وَالْحِلَاقُ عِنْدَهُ لِلْحَجِّ وَلِلْمُعْتَمِرِ سُنَّةٌ وَعَلَى تَارِكِهِ الدَّمُ وَالتَّحَلُّلُ فِي مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِلَاقِ وَإِنَّمَا التَّحَلُّلُ الرَّمْيُ أَوْ ذَهَابُ زَمَانِهِ أَوْ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَمَنْ تَحَلَّلَ فِي الْحِلِّ مِنَ الْمُحْصَرِينَ كَانَ حِلَاقُهُ فِيهِ وَمَنْ تَحَلَّلَ فِي الْحَرَمِ كَانَ حِلَاقُهُ فِيهِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ الْحِلَاقُ بِمِنًى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِمَكَّةَ وَحَيْثُمَا حَلَقَ أَجْزَأَهُ مِنْ حِلٍّ وَحَرَمٍ وَيَجِبُ حِلَاقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ إِلَّا أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ غَيْرُ التَّقْصِيرِ وَحِلَاقُهُنَّ مَعْصِيَةٌ عِنْدَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِضَرُورَةٍ وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْتَدِيَ وَيَنْقُصُ ذَلِكَ إِحْرَامَهُ وَجَمِيعُ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ لَا يُفْسِدُهَا إِلَّا الْجِمَاعُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute