للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ صَغَارٌ وَذِلَّةٌ لِكُفْرِهِمْ وَقَدْ سَاوَوْا أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الْكُفْرِ بَلْ هُمْ أَشَدُّ كُفْرًا فَوَجَبَ أَنْ يَجْرُوا مَجْرَاهُمْ فِي الذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَمْ تُؤْخَذْ مِنَ الْكِتَابِيِّينَ رِفْقًا بِهِمْ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ منهم تقوية للمسلمين وذلا للكفارين فَلِذَلِكَ لَمْ يَفْتَرِقْ حَالُ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ ذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وليس نكاحن سائهم وَلَا أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُمَةً بِالْكِتَابِيِّينَ لِمَوْضِعِ كِتَابِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمُ الرُّسُلَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ هَذِهِ جُمْلَةٌ اعْتَلَّ بِهَا أَصْحَابُ مَالِكٍ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الْمَجُوسِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ أَهْلِ الْبَحْرِينِ وَمِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَفَعَلَهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ فَإِنَّهُمَا جَعَلَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَمْ يَذْكُرَا سَعِيدًا وَرَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وقد ذكرناه في باب مراسل ابْنِ شِهَابٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ تُقْبَلُ الْجِزْيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْكُفَّارِ عَرَبًا كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>