وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرٍ ... إِذَا سَافَهُ الْعَوْدُ النِّبَاطِيُّ جَرْجَرَا ... أَيْ رَغَا لِبُعْدِ الطَّرِيقِ وَصُعُوبَتِهِ ... وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الزَّجْرُ وَالتَّحْذِيرُ وَالتَّحْرِيمُ فَجَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي الْحَظْرَ وَالْمَنْعَ مِنَ اتِّخَاذِ أَوَانِي الْفِضَّةِ وَاسْتِعْمَالِهَا فِي الشُّرْبِ وَالْأَكْلِ فِيهَا وَاتِّخَاذِهَا وَالْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ لَا يُجِيزُونَ اسْتِعْمَالَ الْأَوَانِي مِنَ الذَّهَبِ كَمَا لَا يُجِيزُونَ ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ لِأَنَّ الذَّهَبَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ وَرَدَ فِيهِ لَكَانَ دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْفِضَّةِ لَأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّشَبُّهُ بِالْجَبَابِرَةِ وَمُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَالسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَأَذَى الصَّالِحِينَ وَالْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الذَّهَبَ أَعْظَمُ شَأْنًا مِنَ الْفِضَّةِ فَهُوَ أَحْرَى بِذَلِكَ الْمَعْنَى أَلَا أَنَّ النَّهْيَ لَمَّا وَرَدَ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ كَانَ الْغَائِطُ أَحْرَى أَنْ يُنْهَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ مَنْصُوصًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute