تَوْقِيتٍ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ إِنَّمَا يُكَلِّفُهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْتَطِيعُونَ وَيَخِفُّ عَلَيْهِمْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَأَظُنُّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ عَلَى الْجِزْيَةِ وَبِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ فَأَخَذَهُ وَأَتَى بِهِ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ وَبِحَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُصَالَحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ نَجْرَانَ وَلِمَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَالَحَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى الْجِزْيَةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْعَرَبِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْخَبَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا مَعْمَرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمِقْدَارُ فِي الْجِزْيَةِ دِينَارٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مِنَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا فِي الْجِزْيَةِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صُولِحُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ جَازَ وَإِنْ زَادُوا وَطَابَتْ بِذَلِكَ أَنْفُسُهُمْ قُبِلَ مِنْهُمْ وَإِنَّ صُولِحُوا عَلَى ضِيَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَازَ إِذَا كَانَتِ الضِّيَافَةُ مَعْلُومَةً فِي الْخُبْزِ وَالشَّعِيرِ وَالتِّبْنِ وَالْإِدَامِ وَذَكَرَ عَلَى الْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا عَلَى الموسر وذكر موضع النزول والكن من البر والبحر وَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَنِيٍّ وَلَا فَقِيرٍ أَقَلُّ مِنْ دِينَارٍ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَالَحَ أَحَدًا عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَخَذَ عُمَرُ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ ضَرَائِبُهُ وَلَا بَأْسَ بِمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute