قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ حَمَلَ الْإِقْعَاءَ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى خَرَجَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنَ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الَّذِي فَسَّرَ عَلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ الْإِقْعَاءَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي أَشْتَكِي وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْتَكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ عِنْدَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ يَكْرَهُ الْإِقْعَاءَ فَهُوَ مَعْدُودٌ فِيمَنْ كَرِهَهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ إِلَّا أَنَّ الْإِقْعَاءَ عَنْ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُفَسَّرٍ وَهُوَ مُفَسَّرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ الِانْصِرَافُ عَلَى الْعَقِبَيْنِ وَصُدُورِ الْقَدَمَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْتَحْسِنُهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَيَقُولُ إِنَّهُ سُنَّةٌ فَصَارَ ابْنُ عُمَرَ مُخَالِفًا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ فَيُوجِبُ أَلَّا تَفْسُدَ صَلَاةُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ إِفْسَادَهَا يُوجِبُ إِعَادَتَهَا وَإِيجَابُ إِعَادَتِهَا إِيجَابُ فَرْضٍ وَالْفُرُوضُ لَا تَثْبُتْ إِلَّا بِمَا لَا مُعَارِضَ لَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرِ أَصْلٍ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ كَذَا وَكَذَا سُنَّةٌ إِثْبَاتٌ وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ نَفْيٌ وَقَوْلُ الْمُثْبِتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute