مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْآيَةَ وَلَوْ كَانَ الطَّوْلُ فَلْسًا وَنَحْوَهُ لَكَانَ كُلُّ أَحَدٍ مُسْتَطِيعًا لَهُ وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ بِالْيَسِيرِ ثُمَّ جَاءَ حَدِيثُ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ فِي وَزْنِ النَّوَاةِ فَجَعَلَهُ حَدًّا لَا يُتَجَاوَزُ لِمَا يُعَضِّدُهُ مِنَ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الفروج لاتستباح بِغَيْرِ بَدَلٍ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الصَّدَاقِ الْمُقَدَّرِ كَالنَّفْسِ الَّتِي لَا تُسْتَبَاحُ بِغَيْرٍ بَدَلٍ فَقُدِّرَتْ دِيَتُهَا وَكَانَ أَشْبَهَ الْأَشْيَاءِ بِذَلِكَ قَطْعُ الْيَدِ لِأَنَّ الْبُضْعَ عُضْوٌ وَالْيَدَ عُضْوٌ يُسْتَبَاحُ بمقدر من المال وذلك ربع فَرَدَّ مَالِكٌ الْبُضْعَ قِيَاسًا عَلَى الْيَدِ وَقَالَ لَا يَجُوزُ صَدَاقٌ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تُقْطَعُ عِنْدَهُ مِنَ السَّارِقِ فِي أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَاسَ الصَّدَاقَ عَلَى قَطْعِ الْيَدِ وَالْيَدُ عِنْدَهُ لَا تُقْطَعُ إِلَّا فِي دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَيْلًا وَلَا صَدَاقَ عِنْدَهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ وَأَهْلُ مَذْهَبِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي قَطْعِ الْيَدِ لَا فِي أَقَلِّ الصَّدَاقِ وَقَدْ قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذْ قَالَ لَا صَدَاقَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ تَعَرَّقْتَ فِيهَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيْ سَلَكْتَ فِيهَا سَبِيلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا حَدَّ فِي قَلِيلِ الصَّدَاقِ كَمَا لَا حَدَّ فِي كَثِيرِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَيَزِيدُ بن قسيط وابن أبي ذيب وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا حَلَّتْ وَأَنْكَحَ ابْنَتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدَاعَةَ بِدِرْهَمَيْنِ وَقَالَ رَبِيعَةُ يَجُوزُ النِّكَاحُ بِصَدَاقِ دِرْهَمٍ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْبُ وَالسَّوْطُ وَالنَّعْلَانِ صَدَاقٌ إِذَا رَضِيَتْ بِهِ وَأَجَازَ الصَّدَاقَ بِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute