للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا قَالُوا فَهَذِهِ الْحَالُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا الْفُقَرَاءَ دُونَ الْحَالِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنِ الْمَسَاكِينِ قَالُوا وَلَا حُجَّةَ فِي بَيْتِ الرَّاعِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ الْفَقِيرَ كَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ فِي حَالٍ مَا قَالُوا وَالْفَقِيرُ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَفْقُورُ الَّذِي نُزِعَتْ فَقَرَةٌ مِنْ ظَهْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الْفَقْرِ فَلَا حَالَ أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... لَمَّا رَأَى لُبَدَ النُّسُورِ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ الْقَوَادِمَ كَالْفَقِيرِ الْأَعْزَلِ ... أَيْ لَمْ يُطِقِ الطَّيَرَانَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنِ انْقَطَعَ صُلْبُهُ وَلُصِقَ بِالْأَرْضِ قَالُوا وَهَذَا هُوَ الشَّدِيدُ الْمَسْكَنَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ يَعْنِي مِسْكِينًا قَدْ لُصِقَ بِالتُّرَابِ مِنْ شِدَّةِ الْفَقْرِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمَّ مِسْكِينًا لَيْسَ ذَا مَتْرَبَةٍ مِثْلَ الطَّوَّافِ وَشَبَهِهِ مِمَّنْ لَهُ الْبُلْغَةُ وَالسَّعْيُ فِي الِاكْتِسَابِ بِالسُّؤَالِ وَالتَّحَرُّفِ وَنَحْوَ هَذَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَلِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ سَوَاءٌ ولا فرق

<<  <  ج: ص:  >  >>