للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّيْلَةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ ثُمَّ تَعُودُ فِيهِ فِي غَيْرِهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ لَا تَعْدُوهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ سَبَبُ رَفْعِ عِلْمِهَا عَنْهُ مَا كَانَ مِنَ التَّلَاحِي بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمُلَاحَاةُ فَهِيَ التَّشَاجُرُ وَرَفْعُ الْأَصْوَاتِ وَالْمُرَاجَعَةُ بِالْقَوْلِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ عَلَى حَالِ الْغَضَبِ وَذَلِكَ شُؤْمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا وَعَنِ الْمِرَاءِ أَشَدَّ النَّهْيِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ نَهَانِي رَبِّي عَنْ مُلَاحَاةِ الرِّجَالِ وَقَالَ الْمُلَاحَاةُ السَّبُّ يُقَالُ تَلَاحَيَا إِذَا اسْتَبَّا وَلَحَانِي أَسْمَعَنِي مَا أَكْرَهُ مِنْ قَبِيحِ الْكَلَامِ وأنشد ... أَلَا أَيُّهَا اللَّاحِي بِأَنْ أَحْضُرَ الْوَغَى ... وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي ... ... وَقَدْ يُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ عَلَى غَيْرِ هَذَا ... أَلَّا أَيُّهَا ذَا اللَّائِمِي أَحْضُرُ الْوَغَى ... وَمِنْ شُؤْمِ الْمُلَاحَاةِ أَنَّهُمْ حُرِمُوا بَرَكَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَهَذَا مِمَّا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَلَمْ يُحْرَمُوهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنَعَهُمُ الْإِخْبَارَ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَأْدِيبًا لَهُمْ فِي الْمُلَاحَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَغَلَ بَالُهُ بِتَشَاجُرِهُمَا فَنَسِيَهَا وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ مَنْصُوصًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوَاسِطَ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ فَلَمَّا انْقَضِينَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ يَعْنِي فَرَفَعَ فَأُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَأَعَادَ الْبِنَاءَ وَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَخَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ وَمَعَهُمَا الشَّيْطَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>