للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُ يَثْعَبُ دَمًا فَمَعْنَاهُ يَنْفَجِرُ دَمًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِهَادُ وَالْغَزْوُ وَمُلَاقَاةُ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى هَذَا خَرَجَ الْحَدِيثُ وَيَدْخُلُ فِيهِ بِالْمَعْنَى كُلُّ مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ بِرٍّ وَحَقٍّ وَخَيْرٍ مِمَّا قَدْ أَبَاحَهُ اللَّهُ كَقِتَالِ أَهْلِ البغي الخوارج واللصوص والمحرابين أو أمر بمعروف أو نهي عن عَنْ مُنْكَرٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ خَرَجَ فِي الْغَزْوِ تَكُونُ هَذِهِ حَالَهُ حَتَّى تَصِحَّ نِيَّتُهُ وَيَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ خَرَجَ يُرِيدُ وَجْهَهُ وَمَرْضَاتَهُ لَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا مُبَاهَاةً وَلَا فَخْرًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ يُبْعَثُ عَلَى حَالِهِ الَّتِي قُبِضَ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَيِّتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُبْعَثُ عَلَى حَالِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا إِلَّا أَنَّ فَضْلَ الشَّهِيدِ (الْمَقْتُولِ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَنْ يَكُونَ رِيحُ دَمِهِ كَرِيحِ الْمِسْكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ دَمُ غَيْرِهِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْمَوْتَى جُمْلَةً يُبْعَثُونَ عَلَى هَيْئَاتِهِمْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ فِي الشَّهِيدِ فَتَأَوَّلَهُ عَلَى الْعُمُومِ وَيَكُونَ الْمَيِّتُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِهِ هُوَ الشَّهِيدَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُزَمَّلَ بِثِيَابِهِ وَيُدْفَنَ فِيهَا وَلَا يُغْسَلَ عَنْهُ دَمُهُ وَلَا يُغَيَّرَ شَيْءٌ مِنْ حَالِهِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>