للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرِيمٌ مُتَفَضِّلٌ رَحِيمٌ يَكْتُبُ الْحَسَنَةَ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُعْمَلْ فَإِنْ عُمِلَتْ ضُعِّفَتْ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَلَا يُؤَاخِذُ عباده المسلمين بما وسوست به صدروهم وَنَوَوْا مِنَ الشَّرِّ مَا لَمْ يَعْمَلُوهُ وَهَذَا كُلُّهُ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْقِيَاسِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي الَّذِي كَانَ لَهُ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْجِهَادَ وَأَرَادَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ عَنْ ذَلِكَ عُذْرٌ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الْمُجَاهِدِ فِي مَشْيِهِ وَسَعْيِهِ وَنَصَبِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَشَقَّةَ الْمُسَافِرِ وَمَا يَلْقَاهُ مِنْ أَلَمِ السَّفَرِ لَا يَجِدُهُ الْمُتَخَلِّفُ الْمَحْبُوسُ بِالْعُذْرِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ يُكْتَبُ لَهُ فِي مَرَضِهِ مَا كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَهَذَا كُلُّهُ مَوْجُودٌ فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ مَضَى أَكْثَرُهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يُعْطَى مُنْتَظِرُ الصَّلَاةِ فَضْلَ الْمُصَلِّي وَثَوَابَ عَمَلِهِ لِحَبْسِهِ نَفْسَهُ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي حَاجَاتِهِ انْتِظَارًا مِنْهُ لِصَلَاتِهِ كَمَا يَحْبِسُ الْمُعْتَكِفُ نَفْسَهُ عَنْ تَصَرُّفِهِ وَيَلْزَمُ مَوْضِعَ اعْتِكَافِهِ حِينًا فِي صَلَاةٍ وَحِينًا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُعْتَكِفٌ وَكَذَلِكَ الْمُرَابِطُ الْمُنْتَظِرُ لِصَيْحَةِ الْعَدُوِّ فِي مَوْضِعِ الْخَوْفِ لَهُ فَضَلُ الْمُقَاتِلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الشَّاهِرِ سَيْفَهُ فِي ذَلِكَ كَانْتِظَارِ الْعَدُوِّ وَإِرْصَادِهِ لَهُ وَارْتِقَابِهِ إِيَّاهُ وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصلاة باطا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الْعَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ قِلَّةِ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيِّ قَالَ رَأَيْتُهُ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُحَيِّيهِ بِرَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَقُولُ مَا أُبَالِي صَلَّيْتُ أَوْ قَعَدْتُ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ الْمُنْتَظِرُ لِلصَّلَاةِ لَا يَحْبِسُهُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>