هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِضُرُوبٍ مِنَ الْحُجَجِ مَعْنَاهَا مَا وَصَفْنَا وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا دَلَالَةٌ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِذْنَ الْبِكْرِ الصَّمْتُ وَالَّتِي تُخَالِفُهَا الْكَلَامُ وَالْآخَرُ أَنَّ أَمْرَهُمَا فِي وِلَايَةِ أَنْفُسِهِمَا مُخْتَلِفٌ فَوِلَايَةُ الثَّيِّبِ أَنَّهَا أحق من الولي قال والولي ههنا الْأَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دُونَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ وَلَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ وَغَيْرَهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا وَذَلِكَ لِلْأَبِ فِي الْأَبْكَارِ مِنْ بَنَاتِهِ بِوَالِغَ وَغَيْرَ بِوَالِغَ وَلَمْ تَفْتَرِقِ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ إِلَّا فِي الْأَبِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْوَلِيُّ الْكَامِلُ الَّذِي لَا وَلَايَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الْوَلَايَةَ بِسَبَبِهِ عِنْدَ فَقْدِهِ وَهُمْ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي الْوَلَايَةِ وَهُوَ يَنْفَرِدُ بِهَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ لَهُ اسْمُ الْوَلِيِّ مُطْلَقًا وَذَكَرَ حَدِيثَ خَنْسَاءَ حِينَ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهَا قَالَ وَالْبِكْرُ مُخَالِفَةٌ لَهَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَتَا سَوَاءً كَانَ لَفْظُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِأَنْفُسِهِمَا قَالَ وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ لَا إِذْنَ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يُحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهَا مَا زُوِّجَتْ حَتَّى تَكُونَ فِي حَالِ مَنْ لَهُ الْإِذْنُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَكِنْ لَمَّا زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ ثَيِّبًا قَالَ وَأَمَّا الِاسْتِئْمَارُ لِلْبِكْرِ فَعَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ لَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدٍ رَدَّ مَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لِاسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلِيُقْتَدَى بِسُنَّتِهِ فِيهِمْ قَالَ وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعَيْمًا أَنْ يُؤَامِرَ أُمَّ ابْنَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute