وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ امْرَأَتَهُ وَجَرَحَهَا فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبُونَ الْقِصَاصَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ الْآيَةَ فَمَعْنَى الْعَصَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْإِخَافَةُ وَالشِّدَّةُ بِكُلِّ مَا يَتَهَيَّأُ وَيُمْكِنُ مِمَّا يَجْمُلُ وَيَحْسُنُ مِنَ الْأَدَبِ فِيمَا يجب الدب فِيهِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ فِيهِ إِبَاحَةَ ضَرْبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ضَرْبًا كَثِيرًا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الْعَيْبِ لَهُ وَالضَّرْبُ الْقَلِيلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَهُ قَالَ وَلَمَّا لَمْ يُغَيِّرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي جَهْمٍ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ فِي طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَفِيمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ ذَمُّهُ لِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَمِنْ هَذَا قَالَتِ الْعَرَبُ فُلَانٌ لَيِّنُ الْعَصَا وَفُلَانٌ شَدِيدُ الْعَصَا يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي الْوَالِي وَمَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... لِذِي الْحِلْمِ قَبْلَ الْيَوْمِ مَا تُقْرَعُ الْعَصَا ... وَمَا عُلِّمَ الْإِنْسَانُ إِلَّا لِيَعْلَمَا ... وَقَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ يَصِفُ رَاعِيَ إِبِلِهِ ... عَلَيْهَا شَرِيبٌ وَادِعٌ لَيِّنُ الْعَصَا ... يُسَائِلُهَا عَمَّا بِهِ وَتُسَائِلُهُ ... ... ... وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الطَّاعَةَ وَالْأُلْفَةَ وَالْجَمَاعَةَ الْعَصَا ويوقولون عَصَا الْإِسْلَامِ وَعَصَا السُّلْطَانِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ ... إِذَا كَانَتِ الْهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ الْعَصَا ... فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكُ سَيْفٌ مُهَنَّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute