وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ رَجَعْنَا إِلَى الِاعْتِبَارِ فَوَجَدْنَا الْأَعْضَاءَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْوُضُوءِ قَدْ سَقَطَ التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِهَا وَهُوَ الرَّأْسُ وَالرِّجْلَانِ فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِلَى الْمَنَاكِبِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا بَطَلَ عَنْ بَعْضِ مَا يُوَضَّأُ كَانَ مَا لَا يُوَضَّأُ أَحْرَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ التَّيَمُّمُ قَالَ ثُمَّ رَأَيْنَا الْوَجْهَ يُيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ كَمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ وَرَأَيْنَا الرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ لَا يُيَمِّمَانِ فَكَانَ مَا سَقَطَ التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِهِ سَقَطَ عَنْ كُلِّهِ وَمَا وَجَبَ فِيهِ التَّيَمُّمُ كَانَ كَالْوُضُوءِ سَوَاءً لِأَنَّهُ جُعِلَ بَدَلًا مِنْهُ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ بَعْضَ مَا يُغْسَلُ مِنَ الْيَدَيْنِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ يُيَمَّمُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَقَالَ غَيْرُهُ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَتَكْرِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْمَسَّ فِي تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ عَلَى الْمُظَاهِرِ وَفِي صِيَامِهِ حَيْثُ قَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَاشْتِرَاطِهِ فِي الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ وَحُكْمُ الْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ مِنْهُ فَالسُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ اكْتِفَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ غَيْرُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الضَّرْبَةُ فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ غَيْرَ الضَّرْبِ لِلْيَدَيْنِ قِيَاسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ ذَلِكَ فَيُسَلَّمَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْبُلُوغُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute