للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ الْخُيُوطُ وَقَدْ يَكُونُ الْخِيَاطُ وَالْمِخْيَطُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهِيَ الْإِبْرَةُ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ يَعْنِي ثُقْبَ الْإِبْرَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمِخْيَطَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْإِبْرَةُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَيُقَالُ خِيَاطٌ وَمِخْيَطٌ كَمَا قِيلَ لِحَافٌ وَمِلْحَفٌ وَقِنَاعٌ وَمِقْنَعٌ وَإِزَارٌ وَمِئْزَرٌ وَقِرَامٌ وَمِقْرَمٌ وَهَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْقَلِيلِ لِيَكُونَ مَا فَوْقَهُ أَحْرَى بِالدُّخُولِ فِي مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ أَكْثَرَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ أَحْرَى أَنْ يَرَاهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ الغلول كثيره وقليله حَرَامٌ نَارٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى الْغُلُولِ وَحُكْمِهِ وَحُكْمِ الْغَالِّ وَحُكْمِ عُقُوبَتِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَالشَّنَارُ لَفْظَةٌ جَامِعَةٌ لِمَعْنَى الْعَارِ وَالنَّارِ وَمَعْنَاهَا الشَّيْنُ وَالنَّارُ يُرِيدُ أَنَّ الْغُلُولَ شَيْنٌ وَعَارٌ وَمَنْقَصَةٌ فِي الدُّنْيَا وَنَارٌ وَعَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ وَالْغُلُولُ مِمَّا لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَاحِبُهُ فَإِنَّ جُمْلَةَ أَصْحَابِهِ مُتَعَيَّنَةٌ وَهُوَ أَشَدُّ فِي الْمُطَالَبَةِ وَلَا بُدُّ مِنَ الْمُجَازَاةِ فِيهِ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَاللَّهُ أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>