وَاحْتَجَّ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لِوُجُوبِ الْعُمُومِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطَّوَافُ بِبَعْضِهِ فَكَذَلِكَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَقَوْلِهِ عز وجل وامسحوا برؤوسكم معناه عندهم امسحوا رؤوسكم وَمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَلَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا لَهُمْ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَكِنَّ أَصْحَابَهُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ قَالَ اخْتَلَفَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يُمْسِحَ كُلُّ الرَّأْسِ أَوْ أَكْثَرُهُ حَتَّى يكون المسموح أَكْثَرَ الرَّأْسِ فَيُجْزِئُ تُرْكُ سَائِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَزَعَمَ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا مَسَحَ الثلث فصاعدا أجزأه وإن كان المتروك هو أَكْثَرَ قَالَ وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي وَأَوْلَاهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الثُّلُثَ فَمَا فَوْقَهُ قَدْ جَعَلَهُ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ وَمَذْهَبِهِ وَزَعَمَ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ عَنْهُمْ وَأَنَّ الْمَعْرُوفَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مسلمة ومن قال بقوله أن المسموح مِنَ الرَّأْسِ إِذَا كَانَ الْأَكْثَرُ وَالْمَتْرُوكَ مِنْهُ الْأَقَلُّ جَازَ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الثُّلُثَ يَسِيرٌ مُسْتَنْدَرٌ عِنْدَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُصُولِ مَسَائِلِهِ وَمَذْهَبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute