غَلْقِهِ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا إِلَى قَطْعِ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ قَطْعِ أَحَدِهِمَا وَكَذَلِكَ مَنْ أَحْدَثَ بِنَاءً فِي رَحَا مَاءٍ أَوْ غَيْرِ رَحَا فَيُبْطِلُ مَا أَحْدَثَهُ عَلَى غَيْرِهِ مَنْفَعَةٌ قَدِ اسْتَحَقَّتْ وَثَبْتُ مِلْكِهَا لِصَاحِبِهَا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ إِدْخَالَهُ الْمَضَرَّةَ عَلَى جَارِهِ بِمَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كإدخاله عليه المضرة ما لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ هَدْمَ مَنْفَعَةَ جَارِهِ وَإِفْسَادَهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ يَبْنِيهِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ فَكَذَلِكَ إِذَا بَنَى أَوْ فَعَلَ لِنَفْسِهِ فِعْلًا يَضُرُّ بِهِ بِجَارِهِ وَيُفْسِدُ عَلَيْهِ مِلْكَهُ أَوْ شَيْئًا قَدِ اسْتَحَقَّهُ وَصَارَ مَالَهُ وَهَذِهِ أَصُولٌ قَدْ بَانَتْ عِلَلُهَا فَقِسْ عَلَيْهَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا تُصِبْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا كُلُّهُ بَابٌ وَاحِدٌ مُتَقَارِبُ الْمَعَانِي مُتَدَاخِلٌ فَاضْبُطْ أَصْلَهُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ وَجْهٌ آخَرُ مِنَ الضَّرَرِ مَنَعَ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ كَدُخَانِ الْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَغُبَارِ الْأَنْدَرِ وَالْأَنْتَانِ وَالدُّودِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنَ الزِّبْلِ الْمَبْسُوطِ فِي الرِّحَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ مِنْهُ مَا بَانَ ضَرَرُهُ وَبَقِيَ أَثَرُهُ وَخَشِيَ تَمَادِيَهُ وَأَمَّا مَا كَانَ سَاعَةً خَفِيفَةً مِثْلَ نَفْضِ التُّرَابِ وَالْحُصْرِ عِنْدَ الْأَبْوَابِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْهُ وَلَيْسَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْءٌ يَبْقَى وَالضَّرَرُ فِي مَنْعِ مِثْلِ هَذَا أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ سَاعَةً خَفِيفَةً وَلِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ فِي أَدَبِ السُّنَّةِ أَنْ يَصْبِرَ مِنْ أَذَاهُ عَلَى مَا يَقْدِرُ كَمَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُؤْذِيَهِ وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِ وَلَقَدْ أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ أَنْ يُوَرِّثَهُ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute