للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلنَّاسِ فِي هَذَا مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ وَمَجَازُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْرَحُ بِأُحُدٍ إِذَا طَلَعَ لَهُ اسْتِبْشَارًا بِالْمَدِينَةِ وَمَنْ فِيهَا مِنْ أَهْلِهَا وَيُحِبُّ النَّظَرَ إِلَيْهِ لِقُرْبِهِ مِنَ النُّزُولِ بِأَهْلِهِ وَالْأَوْبَةِ مِنْ سَفَرِهِ فَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ يُحِبُّ الْجَبَلَ وَأَمَّا حُبُّ الْجَبَلِ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَذَلِكَ كَانَ يُحِبُّنَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ تَصِحُّ وَتُمْكِنُ مِنْهُ مَحَبَّةٌ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَاضِحًا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا الْحَدِيثَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ ... بَكَى أُحُدٌ إِنْ فَارَقَ الْيَوْمَ أَهْلَهُ ... فَكَيْفَ بِذِي وَجْدٍ مِنَ الْقَوْمِ آلِفُ ... وَقَدْ قِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ يُحِبُّنَا أَيْ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ يَعْنِي الْأَنْصَارَ السَّاكِنِينَ قُرْبَهُ وَكَانُوا يُحِبُّونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحِبُّهُمْ لِأَنَّهُمْ آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ وَأَقَامُوا دِينَهُ فَخَرَجَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَخْرَجَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وسئل الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَقَدْ تَكُونُ الْإِرَادَةُ لِلْجَبَلِ مَجَازًا أَيْضًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي حُبِّ الْجَبَلِ كَالْقَوْلِ فِي إِرَادَةِ الْجِدَارِ أَنْ يَنْقَضَّ سَوَاءً وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>