للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَجْمَعُ الْقَرْنُ مِنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ وَقَدْ جَمَعَ قَرْنُهُ مَعَ السَّابِقِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ جَمَاعَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِيمَانِ وَأَهْلَ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ أَقَامَ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمُ الْحُدُودَ وَقَالَ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي الشَّارِبِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي وَقَالَ مُوَاجَهَةً لِمَنْ هُوَ فِي قَرْنِهِ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نِصْفَهُ وَقَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي عَمَّارٍ لَا تَسُبَّ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ كَانَ مِثْلَهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدُوا بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ أَنَّ خَيْرَ قَرْنِهِ فَضْلًا أَصْحَابُهُ وَأَنَّ قَوْلَهُ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي أَنَّهُ لَفْظٌ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ أَنَّهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي الصَّالِحِينَ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْفَضْلِ هُمْ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا وَإِنَّمَا صَارَ أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرَ الْقُرُونِ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا حِينَ كَفَرَ النَّاسُ وَصَدَّقُوهُ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَآوَوْهُ وواسوه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَقَاتَلُوا غَيْرَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ قِيلَ فِي تَوْجِيهِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَعَ قَوْلِهِ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي إِنَّ قَرْنَهُ إِنَّمَا فُضِّلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا غُرَبَاءَ فِي إِيمَانِهِمْ لِكَثْرَةِ الْكُفَّارِ وَصَبْرِهِمْ عَلَى أَذَاهُمْ وَتَمَسُّكِهِمْ بِدِينِهِمْ وَإِنَّ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِذَا أَقَامُوا الدِّينَ وَتَمَسَّكُوا بِهِ وَصَبَرُوا عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ فِي حِينِ ظُهُورِ الشَّرِّ وَالْفِسْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>