قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لَا تَوْقِيتَ وَلَا تَحْدِيدَ فِي أَكْثَرِ الصَّدَاقِ وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّدَاقَ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَحُدَّ فِي أَكْثَرِهِ وَلَا فِي أَقَلِّهِ حَدًّا وَلَوْ كَانَ الْحَدُّ مِمَّا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ هُوَ الْمُبِيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَالْحُدُودُ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا أَوْ إِجْمَاعٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ هَذِهِ جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يُصْدِقُهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَأَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ دُونَهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ لو كان جارية وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ حُدَّ لِأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْآثَارُ وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً قَدْ أَمْهَرَهَا زَوْجَتَهُ وَمَلَكَتْهَا عَلَيْهِ بِبِضْعِهَا فَلَمْ يَطَأْ مِلْكَ يَمِينٍ وَتَعَدَّى وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ جَمِيعَهُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّ بِالْعَقْدِ إِلَّا نِصْفَهُ وَأَمَّا الصَّدَاقُ إِذَا كَانَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَخَذَ نِصْفَهُ نَامِيًا أَوْ نَاقِصًا وَالنَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ كُلَّهُ بالعقد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute