للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ فَفِيهِ عِنْدُهُمْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مَا أَسْرَعَ النِّسْيَانَ إِلَى النَّاسِ أَوْ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى إِنْكَارِ مَا لا يعرفون أو إنكار ما لا يحب أَوْ إِنْكَارِ مَا قَدْ نَسَوْهُ أَوْ جَهِلُوهُ أَوْ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الْعَيْبِ وَالطَّعْنِ وَنَحْوِهِ هَذَا ثُمَّ احْتَجَّتْ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ اللَّازِمَةِ لَهُمْ إِذْ أَنْكَرُوا عَلَيْهَا أَمْرَهَا بِأَنْ يُمَرَّ بِسَعْدٍ عَلَيْهَا فَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ هَذَا قَدْ مَاتَ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ عَهِدَا أَنْ يُحْمَلَا مِنَ الْعَقِيقِ إِلَى الْبَقِيعِ مَقْبَرَةِ الْمَدِينَةِ فَيُدْفَنَا بِهَا وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِفَضْلٍ عَلِمُوهُ هُنَاكَ فَإِنَّ فَضْلَ الْمَدِينَةِ غَيْرُ مَنْكُورٍ وَلَا مَجْهُولٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُجَاوَرَةُ الصَّالِحِينَ وَالْفُضَلَاءِ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا ذَكَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ فِي الْبَقِيعِ لَأَنْ أُدْفَنَ فِي غَيْرِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ ثُمَّ بَيَّنَ الْعِلَّةَ مَخَافَةَ أَنْ يُنْبَشَ لَهُ عِظَامُ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ يُجَاوِرَ فَاجِرًا وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْبَقِيعُ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عِنْدَهُ لَأَحَبَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَسْتَحْسِنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُدْفَنَ بِمَوْضِعِ قَرَابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَجِيرَانِهِ لَا لِفَضْلٍ وَلَا لِدَرَجَةِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِكَ وَوَفَاةً بِبَلَدِ رَسُولِكَ وَهَذَا يحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>