قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَهُوَ الثَّابِتُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرحمان بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَعْلَى مِنْهُمَا وَلَا تُقَدَّمُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ خَاصَّةً وَقَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبَ مَنْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجْزِيهِ إِذَا كَفَّرَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ لِلْكَفَّارَةِ فِي تِلْكَ الْكَفَّارَةِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فَرْضٌ لَا يَتَأَدَّى إلا بنية إليك أَدَائِهِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي تَكْفِيرِ الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُجِيزُونَ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِالْحِنْثِ وَالْعَجَبُ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَا تُجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ إِلَّا بِتَمَامِ مُرُورِ الْحَوْلِ وَيُجِيزُونَ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ من غير ان يروا فِي ذَلِكَ مِثْلُ هَذِهِ الْآثَارِ وَيَأْبَوْنَ مِنْ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ مَعَ كَثْرَةِ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ وَالْحُجَّةُ فِي السُّنَّةِ وَمَنْ خَالَفَهَا مَحْجُوجٌ بِهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَأَمَّا الْأَيْمَانُ فَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِإِجْمَاعٍ وَمِنْهَا مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ بِإِجْمَاعٍ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِي الْكَفَّارَةِ فِيهِ فَأَمَّا الَّتِي فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِإِجْمَاعٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْأَفْعَالِ وَهِيَ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ لِيَفْعَلَنَّ ثُمَّ لَا يَفْعَلُ وَالْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا ثُمَّ يَفْعَلُ وَأَمَّا الَّتِي لَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِإِجْمَاعٍ فَاللَّغْوُ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مراد الله من لغو المين الَّتِي لَا يُؤَاخِذُ اللَّهَ عِبَادَهُ بِهَا وَلَمْ يُوجِبِ الْكَفَّارَةَ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute