وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ نَقْدًا إِذَا كَانَ مَعْلُومًا بِمَعْلُومٍ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ إِذَا أُرِيدَ بِابْتِيَاعِ شَيْءٍ مِنَ الْمَجْهُولِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِوَقْتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ جَازَ بَيْعُهُ كَلَبَنِ الْحَلِيبِ بِالْمَخِيضِ إِذَا أُرِيدَ بِالْحَلِيبِ وَقْتُهُ وَكَالْقَصِيلِ بِالشَّعِيرِ إِذَا أُرِيدَ قَطْعُ الْقَصِيلِ لِوَقْتِهِ وَكَالتَّمْرِ بِالْبَلَحِ إِذَا جَدَّ الْبَلَحُ لِوَقْتِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا مِنَ الْمَجْهُولِ كَدُهْنِ الْبَانِ الْمُطَيَّبِ بِحَبِّهِ وَكَالشَّعِيرِ بِالْقَصِيلِ الَّذِي لَا يَكُونُ مِنْهُ شَعِيرٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّوَى بِالتَّمْرِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَمَرَّةً كَرِهَهُ وَجَعَلَهُ مُزَابَنَةً وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ ظَنَّ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُزَابَنَةِ فَاعْتَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَالْمَنْعُ مِنْهُ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ السِّمْسِمِ أَوِ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْ زَيْتِهِ وَدُهْنِهِ وَأَجَازَ بَيْعَ الْقَمْحِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ طَحْنَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ فِيهِ غَرَرٌ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّ مَالِكًا كَانَ عِنْدَهُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْقَمْحِ مَعْلُومًا لَا يَتَفَاوَتُ إِلَّا قَرِيبًا فَأَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ الْمُزَابَنَةِ وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ كَمَنِ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَوْرَدْنَا مِنْ أُصُولِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمُزَابَنَةِ مَا يُوقَفُ بِهِ عَلَى الْمُرَادِ وَالْبُغْيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ جُمَّاعُ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يُنْظَرَ كُلُّ مَا عُقِدَ بَيْعُهُ وَفِي الْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ بِبَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ رِبًا فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنْهُ جُزَافًا وَلَا جُزَافًا بِجُزَافٍ مَنْ صِنْفِهِ وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ أَضْمَنُ لَكَ صُبْرَتَكَ هَذِهِ بِعِشْرِينَ صَاعًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ تَمَامُهَا فَهَذَا مِنَ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَلَيْسَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute