وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ مُمَهَّدًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فَضْلُ النِّدَاءِ وَهُوَ الْأَذَانُ وَفَضْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفَضْلُ الْبُكُورِ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ بَكَّرَ وَانْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَأَخَّرَ ثُمَّ تَخَطَّى إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ لَكَ مَعْنَى فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَرَدَ مِنْ أَجْلِ الْبُكُورِ إِلَيْهِ وَالتَّقَدُّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ فَضْلُ شُهُودِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَعَانِي مُكَرَّرَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لتكريرها بعد ههنا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ وَهُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ احْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّاهَا الْعِشَاءَ بِقَوْلِهِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ إِنَّمَا هِيَ الْعِشَاءُ وَإِنَّمَا يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِأَنَّهُمْ يُعَتِّمُونَ بِالْإِبِلِ وَمَنْ أَجَازَ تَسْمِيَةَ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ سُمَيٍّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا فَإِنَّمَا الِاسْتِهَامُ عَلَى الصَّفِّ لَا عَلَى الْأَذَانِ وَعَلَيْهِ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ كَالْمَغْرِبِ وَالْجُمُعَةُ تَجْمَعُ كثرة المؤذنين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute