للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ هَجَرَهُ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يُرْوَى عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَالسُّنَّةُ تَرُدُّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ وَبَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَيِّتَ الْفِطْرَ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مُسَافِرًا بِالْعَمَلِ وَالنُّهُوضِ فِي سَفَرِهِ وَلَيْسَتِ النِّيَّةُ فِي السَّفَرِ كَالنِّيَّةِ فِي الْإِقَامَةِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا نَوَى الْإِقَامَةَ كَانَ مُقِيمًا فِي الْحِينِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى عِلْمٍ وَالْمُقِيمُ إِذَا نَوَى أَنْ يُسَافِرَ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا حَتَّى يَأْخُذَ فِي السَّفَرِ وَيَعْمَلَ عَمَلَ الْمُسَافِرِ وَيَبْرُزَ عَنِ الْحَضَرِ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ وَأَحْكَامُ الْمُسَافِرِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي الَّذِي يُؤَمِّلُ السَّفَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي الْحَضَرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي هَذَا إِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَذَكَرَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ قَالَ إِنْ سَافَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ وإن لم يسافر عليه الْكَفَّارَةُ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ سَافَرَ أَوْ لَمْ يُسَافِرْ قَالَ وَقَالَ سَحْنُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ سَافَرَ أَوْ لَمْ يُسَافِرْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تَقُولُ غَدًا تَأْتِينِي حَيْضَتِي فَتُفْطِرُ لِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ لَيْسَ مِثْلَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُحْدِثُ السَّفَرَ إِذَا شَاءَ وَالْمَرْأَةُ لَا تُحْدِثُ الْحَيْضَةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ قَدْ تَأَهَّبَ لِسَفَرِهِ وَأَخَذَ فِي سَبَبِ الْحَرَكَةِ فلا شيء عليه ز وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَصْبَغَ وَعَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنْ عَاقَهُ عَنِ السَّفَرِ عَائِقٌ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَحَسْبُهُ أَنْ يَنْجُوَ إِنْ سَافَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>