فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفِيَّةُ غُسْلِ الْمُغْتَسِلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ فَرْضٌ وَسُنَّةٌ فَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْوُضُوءُ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ إِلَّا أَنَّ الْمُغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَعَمَّ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَسَائِرَ بَدَنِهِ بِالْمَاءِ وَأَسْبَغَ ذَلِكَ وَأَكْمَلَهُ بِالْغُسْلِ وَمُرُورِ يَدَيْهِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ إِذَا قَصَدَ الْغُسْلَ وَنَوَاهُ وَتَمَّ غُسْلُهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا فَرَضَ عَلَى الْجُنُبِ الْغُسْلَ دُونَ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَقَوْلُهُ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ لِلْجُنُبِ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ أَعُونُ عَلَى الْغُسْلِ وَأَهْذَبُ فِيهِ وَأَمَّا بَعْدَ الْغُسْلِ فَلَا وَرَوَى أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ فَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ يُفْرِغُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ فَإِنْ بَقِيَ فِي الْإِنَاءِ شَيْءٌ صَبَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لِهِشَامٍ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ يَعْنِي كَفَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْوُضُوءُ قَبْلَ الْغُسْلِ لَا بَعْدَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنَ الجنابة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute