لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ كُلَّ عَامٍ وَالرَّجَبِيَّةُ هِيَ الَّتِي تَمِيلُ لِضَعْفِهَا فَتُدْعَمُ مِنْ تَحْتِهَا كَذَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ الْفِقْهِ لَهُ ثُمَّ وَصَفَ أَنَّهُ يُعْرِيهَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ أَيْ يُطْعِمُ ثَمَرَتَهَا أَهْلَ الْحَاجَةِ فِي سِنِيِّ الْجَدْبِ وَالْمَجَاعَةِ وَقَدْ كَانَ الرُّجُلُ مِنْهُمْ يُعْطِي ذَلِكَ أَيْضًا لِأَهْلِهِ وَلِعِيَالِهِ يَأْكُلُونَ ثَمَرَتَهَا فَتُدْعَى أَيْضًا عَرِيَّةً فَهَذَا كُلُّهُ أَقَاوِيلُ أَهْلِ اللغة في العرية وأما معنى العريا فِي الشَّرِيعَةِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا أَصِفُهُ لَكَ بِعَوْنِ اللَّهِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَى عَنْ عَمْرِو بن الحرث بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعْرِي الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَوِ الرَّجُلُ يُسَمِّي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ لِيَأْكُلَهَا فَيَبِيعُهَا بِتَمْرٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ عَنْ عَبْدَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ الْعَرَايَا أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ النَّخَلَاتِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا فَيَبِيعَهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا فُسِّرَ بِهِ مَعْنَى الْعَرَايَا فَذَهَبَ قَوْمٌ إلى هذا وجعلوا الرخصة في بيع العريا بِخَرْصِهَا وَقْفًا عَلَى الرِّفْقِ بِالْمُعْرِي يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ الْمُعْرَى وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالُوا فَقَدْ أَطْلَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْمُعْرَى وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ قُصِدَ بِهَا الْمُعْرَى الْمِسْكِينُ لِحَاجَتِهِ قَالُوا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ الْمُعْرَى قَدْ مَلَكَ مَا وُهِبَ لَهُ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ الْمُعْرِي وَمِنْ غَيْرِهِ إِذْ أَرْخَصَتْ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute