وَاخْتُلِفَ عَنْ زُفَرَ فِي التَّيَمُّمِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَحَجَّةُ مَنْ أَسْقَطَ النِّيَّةَ وَلَمْ يُرَاعِهَا فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ أَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ فِيهِ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ فَيَحْتَاجُ الْمُتَوَضِّئُ فِيهِ إِلَى نِيَّةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ فِيمَا فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ فَرْضٌ وَنَفْلٌ لِيُفَرِّقَ بِالنِّيَّةِ بَيْنَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَهُوَ فَرْضٌ لِلنَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَلَا يَصْنَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا لِذَلِكَ فَاسْتَغْنَى عَنِ النِّيَّةِ قَالُوا وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الْوُضُوءِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ النِّيَّةِ وَمَنْ جَمَعَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ فَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا الْإِجْمَاعُ عَلَى إِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَهِيَ طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَرْضًا عِنْدَهُمْ قَالُوا فَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ قَوْلُ مَنْ قال لاتجزئ طَهَارَةٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَقَصْدٍ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَاتِ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِقَصْدِ أَدَائِهَا وَلَا يُسَمَّى الْفَاعِلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَاعِلًا إِلَّا بِقَصْدٍ مِنْهُ إِلَى الْفِعْلِ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَأَدَّى عَنِ الْمَرْءِ مَا لم يقصد إلى أدائه وينويه بِفِعْلِهِ وَأَيُّ تَقَرُّبٍ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مُتَقَرِّبٍ وَلَا قَاصِدٍ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ وَلَمْ تَمِلْ بِهِ عَصَبِيَّتُهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يَذْكُرْ جَنَابَتُهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ تُجْزِيهِ لِأَنَّهُ اغْتَسَلَ لِلصَّلَاةِ وَاسْتَبَاحَتِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْحَدَثِ وَنَوْعِهِ كَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ حَدَثَ الْبَوْلِ مِنَ الْغَائِطِ مِنَ الرِّيحِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُجْزِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وإلى هذا ذهب المزني صاحب السافعي فَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِنْهُمْ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ كِنَانَةَ وَمُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُجْزِئُ الْجُنُبَ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute