فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَجْمَعُوا لِلصَّلَاةِ فَأَحَقُّهُمْ وَأَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِيهَا أَفْقَهُهُمْ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ بِجَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ فَقَالَ مَالِكٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَعْلَمُهُمْ إِذَا كَانَتْ حَالُهُ حَسَنَةً وَلِلسِّنِّ حَقٌّ قِيلَ لَهُ فَأَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا قَالَ لَا قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ وقال الثوري يؤمهم أقرأهم فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنِ اسْتَوَوْا فَأَسَنُّهُمْ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ فِي دِينِ الله وقال أبو حنيفة يؤمهم أقرأهم لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَعْلَمُهُمْ لِلسُّنَّةِ فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ فَأَكْبُرُهُمْ سِنًّا فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ وَالسِّنِّ فَأَوْرَعُهُمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ أَقْرَؤُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا رِجَالًا فَتَفَقَّهُوا فِيمَا عَلِمُوا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَمَّا الْيَوْمَ فَيَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَهُمْ صِبْيَانٌ لَا فِقْهَ لَهُمْ وَقَالَ اللَّيْثُ يَؤُمُّهُمْ أَفْضَلُهُمْ وَخَيْرُهُمْ ثُمَّ أَقْرَؤُهُمْ ثُمَّ أَسَنُّهُمْ إِذَا اسْتَوَوْا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ وَأَفْقَهُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ قَدَّمَ أَفْقَهَهُمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأُ مَا يَكْتَفِي بِهِ فِي صِلَاتِهِ وَإِنْ قُدِّمَ أَقْرَؤُهُمْ وَعَلِمَ مَا يَلْزَمُهُ فِي الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ قرأ مِنْهُ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أقرأهم قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ خِيَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ لِأَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَفْهَمُ لِلْقُرْآنِ فَقُلْتُ لَهُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَلَيْسَ هُوَ خِلَافَ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ فَقَالَ إِنَّمَا قَوْلُهُ لِأَبِي بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِنَّمَا أَرَادَ الْخِلَافَةَ وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ فَضْلٌ بَيِّنٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ فِي الْإِمَامَةِ إِلَى الْقِرَاءَةِ وَأَمَّا قِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْخِلَافَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute