للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ اسْتِعْمَالُ عُمُومِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ فَكَاتِبُوهُمْ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْأَمَةُ ذَاتُ الزَّوْجِ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ خُيِّرَتْ تَحْتَهُ إِذْ أُعْتِقَتْ وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابِةِ الْأَمَةِ دُونَ زَوْجِهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْبَيْعِ فِي كِتَابَتِهَا وَلَوِ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَ عليها خدمة زَوْجِهَا كَانَ حَسَنًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ زَوْجَ الْأَمَةِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الكتابة التي تؤول إِلَى عِتْقِهَا وَفِرَاقِهَا لَهُ كَمَا أَنَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ عِتْقُ أَمَتِهِ تَحْتَ الْعَبْدِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى إِبْطَالِ نِكَاحِهِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَمَتَهُ مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ بُطْلَانُ نِكَاحِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ لِأَنَّهَا إِذَا خُيِّرَتْ فاختارته بقيت مَعَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ وَهُوَ عَبْدٌ وَفِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ جَائِزٌ لَهُ السُّؤَالُ وَالسَّعْيُ فِي كِتَابَتِهِ وَالتَّكَسُّبُ بِذَلِكَ وَجَائِزٌ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُكَاتِبَهُ وَهُوَ لَا شَيْءَ مَعَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تُخْبِرُهَا بِأَنَّهَا كَاتَبَتْ أَهْلَهَا وَسَأَلَتْهَا أَنْ تُعِينَهَا وَذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ كِتَابَتِهَا قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِنْهَا شَيْئًا كَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ روى ابن وهب عن يونس والليث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَيَّ فَقَالَتْ يَا عَائِشَةُ إني كاتبت أهلي على تسع أواقي فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ مِنْهَا ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>