ولو كان غير جائز للسيد أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مُكَاتَبِهِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ لَكَانَ مَحْظُورًا أَيْضًا عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْفَقِيرِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا انْتَفَعَ الْفَقِيرُ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنَ الْمَالِ وَلَضَاقَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَهَذَا مَا لَا يَخْفَى فَسَادُهُ عَلَى أَحَدٍ وَحَسْبُكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةَ وَلَمْ يَمْتَنِعْ لِذَلِكَ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّةِ بَرِيرَةَ مِمَّا تُصَدِّقُ بِهِ عَلَيْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أُتِيَ بِلَحْمٍ قَالُوا إِنَّهُ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تَجِبُ فَرْضًا عَلَى السَّيِّدِ إِذَا ابْتَغَاهَا الْعَبْدُ وَعَلِمَ فِيهِ خَيْرًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا وَاجِبًا وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ هِيَ عَزْمَةٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ دَاوُدُ وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي الْأَمْرِ بِالْكِتَابَةِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ سِيرِينَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مَوْلَاهُ الْكِتَابَةَ فَأَبَى أَنَسٌ فَرَفَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ الدِّرَّةَ وَتَلَا فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فيه خَيْرًا فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ وَقَالَ دَاوُدُ مَا كَانَ عُمَرُ لِيَرْفَعَ الدِّرَّةَ عَلَى أَنَسٍ فِيمَا لَهُ مُبَاحٌ أَلَّا يَفْعَلَهُ وَحُجَّةُ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ علمتم فيه خَيْرًا وَهَذَا أَمْرٌ حَقِيقَتُهُ الْوُجُوبُ إِذَا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ النَّدْبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute